سميرة عبداللطيف
تُعد صناعة المحتوى الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي ظاهرة حديثة تستهوي الشبان والشابات في اليمن، ومن بين هؤلاء، هناء محمد وأيمن الهتاري اللذان يعملان على مسلسل يوتيوبي يناقش قضايا ومواضيع اجتماعية بطريقة "الأنميشن".
تقول هناء، 32 عامًا، وهي من محافظة تعز: "أشعر بسعادة عند إعدادي أو تقديمي محتوى مفيد".
تعمل هناء من خلال موهبتها في الكتابة على إعداد محتوى قصصي متنوع، بالإضافة إلى موهبتها الصوتية التي تقدم من خلالها شخصية "طافشة"، وهي شخصية أنمي عُرفت خلال الفترة الماضية عبر قناة أيمن الهتاري على يوتيوب، ويحظي "مسلسل طافش" الذي يقدمانه معًا بتفاعل جيد من قبل المتابعين الذين يقدرون بنحو مليون متابع.
كسرنّ المحظور
بحسب ويكيبيديا، فإنّ اليوتيوب "You Tube" موقع ويب يسمح لمستخدميه برفع التسجيلات المرئية مجانًا، ومشاهدتها عبر البث الحي، ومشاركتها، والتعليق عليها.
ويتمتع بعض منشئو المحتوى على يوتيوب بالمقدرة على التأثير في المجتمع من خلال التطرق إلى المسكوت عنه.
،"في البداية، كان البعض يقول لي إنّ هذا عيب، وغير نافع، وهو عمل ناس فارغة، لكنّ تفاعل الناس تغير بعد ذلك بشكل إيجابي"
وتعتبر النساء اليمنيات ممن يعملنّ في صناعة المحتوى على يوتيوب، بحسب هناء، كمن كسرنّ المحظور أو جانبًا منه، "في مجتمع تحكمه العادات وثقافة العيب، يرفض الكثيرون ظهور المرأة على يوتيوب، أو حتى استخدام صوتها في الأنميشن؛ من منطلق أن صوت المرأة عورة كما يقولون؛ ما يتسبب لها غالبًا بمشاكل أسرية، وهو ما يواجهنا تمامًا، لكننا فعلنا ذلك لأنّ لدينا شيئًا ينبغي أن نقوله".
وبحسب تقرير لوقع عربي بوست عام 2016م، فإن فيديوهات السيدات السعوديات نجود الشمري وأسرار عارف وأمل المزرياحي وحصة عوض تحصد نسبة أعلى من 184 مليون مشاهدة في أغلب الوقت، بمعدل تفاعل أعلى خمس مرات من متوسط معدل التفاعل للفيديو.
وفي التقرير، قالت رئيسة شراكات موقع يوتيوب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "عندما نقارن ما كنا عليه قبل أربع سنوات مضت بما نحن عليه الآن، فقد حدث تطور ضخم! لدينا الآلاف من القنوات العربية المنشأة من قبل صانعات المحتوى العربيات المبدعات، وهذا في حد ذاته يثبت أنّ النساء لم يجدنّ المحتوى الذي يغطي اهتماماتهنّ بالقدر الكافي؛ فقررنّ صناعته بأنفسهنّ".
ردود الجمهور
لم تتلقَ هناء دعمًا من أحد أو جهة عند بداية عملها مع أيمن على يوتيوب، بل على العكس، كان البعض يضحك ويسخر من استخدام صوتها في الأنميشن، كما تقول، إلا أنّ الأمر تغير مع مرور الوقت، "في البداية، كان البعض يقول لي إنّ هذا عيب، وغير نافع، وهو عمل ناس فارغة، لكنّ تفاعل الناس تغير بعد ذلك بشكل إيجابي".
وبحسب اليوتيوبر أيمن الهتاري، وهو صانع أنميشن: "يعد الأنميشن فن يحتاج الكثير من الموهبة والمهارات والأدوات"، ويستدرك: "لكننا في بلد لا يهتم بالإبداع والمبدعين".
"سرقت الحرب مني عملي واستقراري؛ ووجدتني مجبرة على النزوح بسبب الحرب، ومن ثم البحث عن فرصة عمل أخرى لتأمين احتياجاتنا المعيشية أنا وطفلتي"
وحول تجربته وهناء، يقول: "صممت شخصيات أنميشن كوميدية، وبعد مناقشتها مع بعض الأصدقاء، تم اختيار أسماء الشخصيات"، ويضيف: "من خلال قدراتها وإمكانياتها في إعداد المحتوى، استعنت بهناء لإعداد بعض القصص في بداياتي، كما استعنت بموهبتها الصوتية التي جسدت بدورها أحد أهم الشخصيات في مسلسل طافش؛ وهي شخصية "طافشة"، وانطلق المسلسل على يوتيوب في 2021م من خلال مناقشة مواضيع تهم المواطن اليمني بطريقة كوميدية، وباللهجة المحلية".
استقطاب جيد
يخلق الأنمي "الرسوم المتحركة" وسطًا خصبًا للحكي القصصي جنبًا إلى جنب مع الترفيه البصري، واللذين يجلبان معًا المتعة مصحوبة بالمعلومة إلى الناس من كل الأعمار ومختلف الأقطار.
وباستخدام الأنميشن والمحتوى الجيد والكوميدي، استطاع أيمن وهناء استقطاب الكثير من المتابعين والمشاهدين، كما تشير الأرقام على فيديوهات القناة.
يقول ضرار عبدالرب، أحد متابعي مسلسل طافش، إنّ هذا المسلسل استطاع أن ينقل ويناقش العديد من القضايا الاجتماعية المحلية بطريقة جميلة؛ ما دفعه لمتابعته وانتظار الحلقة الجديدة في كل مرة.
حياة صعبة
جاءت هناء من معاناة واقعية؛ حيث كانت إحدى ضحايا الزواج المبكر، تقول لـ "هودج": "تزوجت في سن الـ 16 عاماً، ولم أستمر في زواجي طويلاً، وبعد طلاقي، تحملت مسؤولية طفلتي لرفض والدها ذلك؛ ما دفعني للخروج للعمل".
أكملت هناء دراستها الجامعية في اللغة الفرنسية، وعملت كمصورة محققة دخلًا جيدًا، لكنّ الحرب غيرت ملامح المشهد، كما تقول.
"سرقت الحرب مني عملي واستقراري؛ ووجدتني مجبرة على النزوح بسبب الحرب، ومن ثم البحث عن فرصة عمل أخرى لتأمين احتياجاتنا المعيشية أنا وطفلتي"، تقول هناء.
حصدت هناء مع أيمن الهتاري المركز الثاني في المسابقة التي أقامتها مؤسسة وعي للتثقيف والتنمية، وذلك من خلال فلم قصير بصوت هناء يناقش قضايا المرأة، ويحمل عنوان: "ما أهلكني قواني".
وفي حين تعتبر هناء مسلسل طافش فرصة عمل، وفرصة أخرى لطرح قضيتها وقضايا المرأة اليمنية عمومًا للرأي العام، كما تقول، تصف المسلسل بأنّه "خطوة أولى" تقودها نحو حلمها الأوسع؛ وهو افتتاح قناة باسمها على يوتيوب .