الحديدة- سميرةعبد اللطيف
تمددها على الارض، تمسكها بأحكام يشل حركتها،تفتح موس الحلاقة، وتتركها بجرح كبير
تواجه الفتيات والنساء في اليمن عدداً من اشكال التمييز، والاقصاء الاجتماعي، ليس فقط على مستوى التمكين الاقتصادي فحسب بل والتوازن النفسي ايضاً
ولعل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية هو أول انتهاك تعاني منه العديد من الفتيات غربي اليمن
تقول فائزة" عانیت منذ ذلك الیوم آثاراً مختلفة، بينها الالتهابات المزمنة وأكاد اليوم أفقد زوجي "
يتكرر مثل هذا المشهد في مناطق يمنية بل وبلدان اخرى عديدة ، حيث ماتزال هذه العادة الاجتماعية العنيفة سارية المفعول رغم التنديد والتجريم الدولي لها.
تشكو فائزة بمرارة سوء معاملة زوجها لها بسبب عدم تفاعلها معه ، خاصة حين تقرأ في نظراته عبارة "انت لا تريدينني " كما تقول، فبرغم تأكيداتها الكلامية المستمرة له بأنها تحبه، يستمر ضعف احساسها بالعلاقة الحميمية في استدعاء تلك النظرة مرارا وتكرارا
ما تزال هذه الظاهرة تشهد انتشاراً واسعا في المناطق الساحلية وتعد محافظة الحديدة واحدة من المحافظات التي تمارس هذه الظاهرة بنسبة كبيرة تبلغ 97 بالمائة و محافظة المهرة 98بالمائة ثم حضرموت بنسبة 96 بالمائة وفي عدن 82بالمائة.
عفة باهظة الثمن
في احدى قرى السهل التهامي، تمتهن امرأة مسنة تسمى (الريسة ) ممارسة الختان، دخلت فائزة (اسم مستعار)وهي رضيعه لا تتجاوز الأسبوعين الى منزل الريسة بحجة صيانة الشرف ، وما هي إلا لحظات حتى أخرجت العجوز موسا للحلاقة وقطعت جزءاً صغيراًمن جهازها التناسلي مضيفة بذلك رقماً جديداً الى قائمة الانتهاك
" كنت أقف مُرتاعةً من التحوّل الذي يصيب جسدي كلما كبرتُ عامًا، وأنتظر العقاب في أية لحظة على جريمة لا ذنب لي بها سوى أنني أنثى ".. تقول فائزة
مر ثلاثون عاما منذ صادق اليمن على اتفاقية حقوق الطفل التي تنص في المادة (19) منها على"حماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أوالإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال و إساءة المعاملة أو الاستغلال " إلا أن موقع الريسة مايزال يمارس صلاحياته الكاملة في حق الطفلات الاناث غربي البلد
تجري عمليات الختان في هذه القرى باستخدام شفرات الحلاقة او السكاكين على يد قابلات عاديات في احسن الأحوال اما اسوأها فتلك التي تقوم بها سيدات مسنات توارثن الامر عن سليفاتهن تماما كما هو حال الريسة في مناطق تهامة، ما يتسبب في حدوث مضاعفات قد لاتتوقف عند حد الالتهابات المزمنة فقط كما هو الحال لدى فائزة التي احتاجت اجراء عملية جراحية كي تتمكن من تشارك العلاقة الحميمية مع زوجها " عند زواجي حاولنا ممارسة الجماع طوال اسبوعين انا وزوجي ، لكن الدماء كانت تنزف في كل مرة فالختان سبب لي ما یسمى بالالتصاق التلقائي" حسب ما قالت لنا الطبيبة ، وحتى اليوم لا يمكنني أن أصف مقدار الألم والمشاعر السيئة التي تنتابني اثناء العلاقة "
يعرف ختان الاناث في مناطق الغرب اليمنية بـ "خفض الإناث"( تقليل مستوى الاستجابة الجنسية) ويعد شكلاً من أشكال العنف الذي يمارس ضد الاناث خلال الشهر الأول من الولادة.
أدان المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المنعقد في العاصمة المصرية القاهرة العام 1994 هذه الظاهرة، وكذلك فعل وفي المؤتمر العالمي الرابع للمرأة ومثلها فعلت منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف وكذا صندوق الأمم المتحدة للسكان واصفين ختان الاناث بأنه انتهاك لحقوق المرأة.
وفي اليمن ينص القرار الوزاري رقم 1/3 لسنة 2001على منع ختان الإناث في جميع المرافق الصحية الحكومية والخاصة لكن هذا المرسوم لم يفرض عقوبات ضد من يخالف الحظر.
تعرف اخصائية النساء والتوليد (ا.ا ) عملية الختان بأنها "إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الخارجية أو غير ذلك من وجوه الإضرار بالأعضاء التناسلية للأنثى لأغراض غير طبية"،موضحة " تشويه الإناث في الیمن يتم في سن صغيرة جدا ما يودي الى مشاكل عدة لدى الفتاة منها الالتصاق التلقائي للجلد ، وتكون الاكياس ً، والألم أثناء الجماع، واختلال الوظائف الجنسية ، والنزيف وغالباً ما يؤدي النزيف الى فقر الدم أو الوفاة كما يسبب الالتهابات بسبب الاستخدام للأدوات غير المعقمة كالأمواس أو المقص"
تقول فائزة" تبرر اسرتي إن الفتاة تحتاج للختان حتى تحمي نفسها وتصون شرف عائلتها من"سوء السلوك لكنني لا أؤمن بذلك اطلاقاً "
وبحسب اخصائية امراض النساء فإن البرود الجنسي لدى المرأةالمتزوجة يعد من ابرز الأضرار الناتجة عن الختان، حيث لا تستطيع المرأة الاستمتاع بحياتها الزوجية ما قد يسبب الكثير من المشاكل بين الزوجين.
يسعى بعض المتعصبين لهذه العادة الاجتماعية الصاقها بالدين من زاوية الطهارة او التطهير ويرفض آخرون ذلك ويعدونه انتهاكا لجسد المرأة وحقها في حياة كاملة
ففي تونس مثلا، هناك عادة تعرف بـ”التصفيح”. وهذه الممارسة موجودة في مجتمعات عربية أخرى لكن بتسميات مختلفة، ففي الجزائر مثلا يطلقون عليها اسم “الربيط” وفي المغرب “التقاف”.
وفي تونس، يتم هذا الطقس، الذي تشرف عليه امرأة مسنة ضالعة في هذه العملية، بجرح الفتاة قبل بلوغها سبع جروح على فخذها أو ركبتها اليسرى. ثم تغمس 7 حبات من الزبيب في الدم الذي ينزف من الجرح وتأكلها البنت وهي تردد “أنا حيط (حائط) وابن الناس خيط”.