كتبت/ لطيفة الظفيري

 

حُرمت حسناء أحمد من تعليمها بعد أن منعها والدها من استكمال المرحلة الإعدادية دون تقديم حجة واضحة، رغم تفوقها في جميع المراحل الدراسية وطموحها في الحصول على شهادة جامعية في الطب. حسناء، التي تنحدر لمديرية المتون بمحافظة الجوف شمال اليمن، تمثل حالة واحدة من حالات متكررة في المحافظة، حيث لا تتمكن العديد من الفتيات من استكمال تعليمهن إما لأسباب اقتصادية أو اجتماعية، أو لعوامل مؤسسية؛ كانعدام الجامعات.

تقول زينب عيدان، التي تنحذر إلى مديرية المتون أيضًا، إنها لم تكمل دراستها بعد الثانوية العامة بسبب بُعد المعاهد التعليمية، وعدم وجود جامعة أو توفر وسائل النقل، علاوةً على الظروف الاقتصادية الصعبة.

على صعيد متصل، توضّح سماح الحايك، من مديرية الحزم، مركز المحافظة، أنها بعد الحصول على الثانوية العامة عام 2019، سجّلت في فرع جامعة إقليم سبأ الذي افتُتح عام 2018 في مديرية الحزم.

وأضافت: "درست هناك فصلًا دراسيًا واحدًا فقط قبل أن ينسحب الكادر التعليمي إلى مأرب بعد دخول جماعة أنصار الله للمدينة، وهنا اضطررت للانتقال إلى مأرب لاستكمال دراستي الجامعية".

تعاني الفتيات والنساء في اليمن من صعوبات عدة تواجه محاولاتهن الدؤوبة للحصول على حقّهن في تعليم جيد، وهو ما أدى إلى وجود فجوة بين الجنسين في التعليم.

ووفقًا لتقرير نشره الائتلاف اليمني للتعليم للجميع، فإن نسبة الفتيات الملتحقات بالتعليم الأساسي هي 42%، و16% في المرحلة الثانوية.

علمًا أن حالات الأمّية والتسرّب من التعليم للفتيات تزداد في المحافظاتالهامشية من البلاد، ومن هذه المحافظات، محافظة الجوف، التي تبعد عن العاصمة صنعاء 143 كيلو مترًا، بحسب التقرير.

 حسب تقرير اللجنة الوطنية الصادر عام 2022، فإن عدد الفتيات الملتحقات بالتعليم الأساسي  هو 20,383 في مقابل 27,032 للذكور عام 2021.

الفجوة التعليمية

حسب تقرير اللجنة الوطنية الصادر عام 2022، فإن عدد الفتيات الملتحقات بالتعليم الأساسي  هو 20,383 في مقابل 27,032 للذكور عام 2021.

وفي المرحلة الثانوية فإن عدد الفتيات يناهز 2,405 مقابل 3,853 للذكور حسب إحصائيات نفس العام، وبناءً عليه، فمن الواضح وجود فجوة في الالتحاق بين الفتيات والذكور وفقًا لتعداد السكان.

فعلى سبيل المثال، في مديرية الحزم، تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد المتحلقين بالتعليم في المديرية 5255 طالب وطالبة، عدد الفتيات منهم 2307 مقابل 2948 من الذكور.

ويوضح الموقع الرسمي للمحافظة أن أحد أسباب انخفاض معدل التحاق الفتيات بالتعليم هو "وجود الكثير من المدارس المختلطة بالجنسين باستثناء (6) مدارس خاصة بتعليم الفتاة، وكذلك تدني نسبة المُعلمات مقارنة بعدد المعلمين.

 "كنا 30 طالبة خلال الفصل الأول من العام الجامعي في الجوف، لكن بعد إغلاق الفرع، تمكنت 12 فتاة فقط من الانتقال إلى مأرب لاستكمال دراستهن".

المعوِّقات والتحديات

توضح مسؤولة حقوق المرأة والطفل بمحافظة الجوف، مجيدة الأعتس، في حديثها لمنصة هودج أن الفتيات في الجوف يواجهن تحديات اقتصادية كبيرة، حيث تعجز العديد من الأسر عن تغطية تكاليف تعليم بناتهن. وأضافت الأعتس: "في ظل الظروف الراهنة،أُجبرت بعض الأسر على إبقاء الفتيات في المنزل نظرًا لكثرة الرسوم المفروضة عليهن، والمعروفة بالجِبايات، بالإضافة إلى صعوبة تنقل الفتيات بين المدن دون مرافقة محرم".

وأشارت الأعتس إلى أن قلة المدارس المخصصة لتعليم الفتيات تُجبر الأسر على إعطاء الأولوية لتعليم أبنائها الذكور. بجانب ذلك، تتحمل الفتيات أعباء العمل في المزارع، رعاية المواشي، إلى جانب أداء المهام المنزلية.

سماح الحايك، في حديثها لمنصة هودج، أشارت إلى أن التحدي الأكبر الذي واجهته في استكمال تعليمها تمثل في الانتقال إلى محافظة مأرب، عقب إغلاق فرع جامعة إقليم سبأ. وقالت: "كنا 30 طالبة خلال الفصل الأول من العام الجامعي في الجوف، لكن بعد إغلاق الفرع، تمكنت 12 فتاة فقط من الانتقال إلى مأرب لاستكمال دراستهن".

وأضافت: "لأول مرة، واجهنا تجربة الغربة والبعد عن الأهل والأصدقاء، وهو أمر لم نعهده من قبل، إذ لم نختبر الغربة مسبقًا".

 "أشعر بإحباط كبير بعدأن توقفت عن مواصلة تعليمي، خاصة وأن طموحي كان التخرج من كلية الطب لأصبح طبيبة". وتضيف: "استكمال تعليمي كان سيوفر لي استقلالية مادية ويفتح أمامي المجال لتكوين أسرة، لكنني وجدت نفسي بعيدة عن التعليم، وأصبحت زوجة وأمًا لطفلتين".

التعليم في الجوف بين الواقع والقانون

تؤكد المادة 6 من الدستور اليمني على ضرورة العمل بالمواثيق الدولية التي صادق عليها اليمن، كما تنص المادة 41 منه على المساواة بين جميع المواطنين.

وحسب قانون 45 لسنة 1992 بشأن التربية والتعليم، فإن على الدولة أن تكفل الحق في التعليم لجميع المواطنين، وإلزامية التعليم، وتتكفل الدولة بإنشاء المرافق التعليمية.

بالرغم من ذلك، فإن واقع تعليم فتيات الجوف متدنٍ؛ نتيجة عوامل عديدة كقلة عدد المدارس المخصصة لتعليم الفتيات، وغالبًا فإن مدارس التعليم الأساسي تكون مختلطة للجنسين.

أما المدارس الثانوية فهناك مدراس مخصصة للفتيات ولكن قليلة، بالإضافة ضعف وجود الكادر التعليمي المتخصص، وعدم وجود الوسائل التعليمية، بحسب ما أفادت به رئيس جمعية المرأة والطفل بمحافظة الجوف جميلة نسم.

ومن جهة أخرى، أوضحت الناشطة المجتمعية، رهام محمد، أن المحافظة تعاني من نقص في المدارس، وعدم وجود جامعة ومعاهد.

وأضافت: "رغم افتتاح معهدين قبل عامين، أحدهما خاص والآخر فرع للمعهد العالي بصنعاء، وافتتاح فرع لكلية التربية التابعة لجامعة صنعاء، إلا أنها تركزت جميعًا في مركز المحافظة بمديرية الحزم.

وبحسب الناشطة رهام، فإن هذا الوضع أدى إلى قلة الفرص التعليمية أمام النساء والفتيات بمحافظة الجوف، خصوصًا في التعليم الجامعي؛ ما أدّى إلى عدم وجود نساء مؤهَّلات.

 

الآثار السلبية على الفتيات

هناك آثار السلبية عديدة تؤثِّر على الفتيات نتيجة عدم إكمال تعليمهنّ، منها نفسية واقتصادية واجتماعية.

تعبّر حسناء أحمد عن خيبة أملها بمرارة قائلة: "أشعر بإحباط كبير بعدأن توقفت عن مواصلة تعليمي، خاصة وأن طموحي كان التخرج من كلية الطب لأصبح طبيبة". وتضيف: "استكمال تعليمي كان سيوفر لي استقلالية مادية ويفتح أمامي المجال لتكوين أسرة، لكنني وجدت نفسي بعيدة عن التعليم، وأصبحت زوجة وأمًا لطفلتين".

ويُعد حق الفتيات والنساء في التعليم دون تمييز من الحقوق الأساسية، إذ أن التعليم يمكّنهن من الوصول إلى مجموعة من الحقوق والمزايا، كما أن مستوى تعليمهن ينعكس مباشرة على حصولهن على حقوقهن السياسية والاجتماعية.