كتبت/ فاطمة العنسي

خرجت سحر علي (اسم مستعار) منهارة بعد إجرائها عملية تجميلية على يد أحد الأطباء في صنعاء، إثر حادث طفولي ترك ندبة.  

ندبة سحر، ذات العشرين ربيعًا، تحولت إلى حفرة كبر حجمها بعد العملية التجميلية. حينئذ، أكد لها الطبيب المعالج أنه أمر عرضي سيزول مع الوقت، بيد أن الحفرة لم يقل حجمها ولم تَزُل.  

"عدت إليه بعد سنة، طلبت منه عمل جلد جديد أو حقن دهون، المهم أن تزول الحفرة. قرر عمليتين: إحداهما للندبة والأخرى لحقن الدهون لوجهي بالكامل. بعدها تشوه وجهي، وكان منظره مثل البالون المنفوخ والمشدود، عيوني اندفعت من مكانها، وأنفي ضاع بين الورم"، تقول.  

تشير سحر إلى عدم رغبتها في إجراء عملية حقن الدهون، بيد أن الدكتور أصر عليها وأغراها بمجموعة صور لفتيات قبل وبعد العملية، مؤكدًا أن الندبة لن تزول إلا بالحقن.  

تضيف: "تلقيت الإعلان عبر فيسبوك، وعندما ذهبت إلى العيادة للمرة الأولى كانت مكتظة بالنساء، بعضهن من محافظات أخرى. تعرفت خلالها على فتيات لديهن المشكلة ذاتها، وبعضهن أجرين عمليات تجميل الأنف. وعندما تواصلت معهن بعد العمليات، كانت أغلبهن عمليات فاشلة. الفتيات أرسلن لي صورًا بشعة تظهر ندوبًا مفجعة، لكننا آثرنا الصمت ولم نتجرأ على رفع شكاوى".  

لدى سحر ورفيقاتها إيمان جازم أن الدكتور يملك شعبية ورواجًا دعائيًا، بالإضافة إلى علاقاته المسبقة بمجلس القضاء الطبي، موضحة: "علمت أن إحدى الفتيات رفعت عليه قضية بسبب عملية فاشلة أدت إلى تشوه وجهها بشكل دائم، لكنها تعرضت للإهمال وخسرت الكثير من الأموال ولم تستفد شيئًا. ربما لهذا السبب التزمت الصمت".  

زراعة الحواجب بالليزر

سمعت ياسمين راجح (27 عامًا) عن عمليات زراعة الحواجب وتجميلها، ولأنها كانت على وشك الاحتفال بزفافها، قررت الذهاب إلى مركز تجميلي لزراعة شعر الحواجب في شارع تونس بصنعاء، وإزالة الشعر بالليزر، بيد أنها صُدمت بواقع مغاير.  

تقول ياسمين: "بشرتي دهنية، والذي أجرى لي زراعة الشعر لم يسألني عن ذلك، ولذلك ذاب الشعر المزروع واختلط مع اللحم، وكان من الصعب التئام الجرح أو جفافه. شعر الحاجب انتهى، ولم يتبق سوى العظم. منطقة مشوهة جعلتني أكره نفسي، وشكلي، وأقرر تأجيل حفل زفافي".  

من جانبها، تعلق شروق محمد (19 عامًا، اسم مستعار): "كنت أريد عمل زراعة شعر للحواجب يدوم ثلاثة أشهر. كنت أفكر أنها صبغة توضع على الحاجب، لكن الكوافيرة شرحت لي الطريقة ونصحتني بعدم الزراعة؛ لأن بشرتي دهنية".  

مع ذلك، "لا يعني هذا أن كل مراكز التجميل تعمل دون ضمير"، كما ترى شروق، فـ"هناك كوادر مؤهلة وصادقة"، وتوضح خلال حديثها: "الكوافيرة عرضت عليّ مجموعة من الصور لفتيات أجرين زراعة حواجب في مراكز أخرى؛ لحجبي عن الفكرة"، قالت إنهن أتين إليها ربما يجدن حلًا، بعد أن "سبق السيف العذل".  

التشريع في هذا المجال

تنص المادة (245) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني الصادر عام 1994: "يُعاقب الدية أو بالإرش على حسب الأحوال، من تسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم غيره وبالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة. وإذا نشأ عن الجريمة عاهة مستديمة أو إذا وقعت نتيجة إخلال الجاني بما توجبه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو مخالفته للقوانين واللوائح أو كان تحت تأثير سكر أو تخدير عند وقوع الحادث، كانت عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة".  

حروق مؤلمة

لدى سارا تجربة سيئة للعلاج بالليزر، إذ تسببت لها العاملة بحروق وجروح من الجلسة الأولى، رغم أن المبلغ كان كبيرًا، 54 ألفًا، أي قرابة 100 دولار بسعر الصرف في العاصمة صنعاء الخاضعة لسلطة جماعة أنصار الله، إلا أنها لم تجنِ منه خيرًا.  

تلفت سارا: "إحدى صفحات مراكز التجميل كانت تغريني بشكل مستمر في إزالة الشعر بالليزر، وكنت متحمسة لذلك. جمعت مبلغًا لثلاث جلسات، لكن الجلسة الأولى كان تسليط الليزر على جسدي أكبر من المناسب، تسبب لي في حروق وهيجان الجلد في الإبط والمنطقة السفلية. وعندما كنت أصرخ من الألم، كانت تقول إنه سيزول بمجرد انتهاء الجلسة".  

عندما رجعت سارا إلى البيت كانت حروقها مستمرة وجلدها شديد الاحمرار، وقررت عدم العودة إلى المركز نهائيًا.  

وخلال زيارة ميدانية إلى مراكز التجميل والعيادات المتخصصة تبين أن جلسات إزالة الليزر تمتد إلى 8 جلسات، فيما تتراوح الأسعار للجلسة الواحدة ما بين 100 إلى 115 دولار في العيادات المتواجدة في صنعاء.

تأثير نفسي  

الجذب المفرط، والترويج للصور والفيديوهات على أنها شيء خيالي مبهر، وهي في الواقع ليست حقيقية، يشجع النساء على الاندفاع دون تفكير كافٍ أو تقصٍ، وهو ما يوقعهن ضحايا. كما تفيد منيرة النمر، رئيسة الوحدة النفسية لمستشفى الرسالة للطب النفسي بصنعاء.  

الأثار النفسية للعمليات التجميلية والليزر الفاشلة تكمن ـ وفق حديث النمر ـ في وجود فتيات منعدمة الثقة في أنفسهن. فالتجربة المحبطة أثرت على نفسيتهن وجعلت الندوب دائمة، ما يدخلهن في حالة متردية من مشاعر الإحباط، الندم، الحسرة، الاكتئاب، والعزلة المجتمعية.  

متابعة الجهات المعنية

حاولت معدة المادة التواصل مع جهات معنية في وزارة الصحة، منها المجلس اليمني للاختصاصات الطبية، المجلس الطبي الأعلى في اليمن، بالإضافة إلى وزارة التجارة والصناعة التي قال فيها مدير إدارة غرفة الإعلام ومدير اتحاد مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية، أحمد الطيار، إن المعني بهذا الشأن هو الإدارة المختصة في الغرفة التجارية؛ لأنها المخولة بمنح السجلات التجارية للعيادات التجميلية ومراكز الليزر. أيضًا، الهيئة العامة للمواصفات، وهي جهات لم يصل منها أي رد حتى كتابة المادة.  

التسويق الرقمي

التسويق له دور كبير في الإقبال على عمليات التجميل من قبل الفتيات وحتى الرجال، وهو ما يعطيك الحقيقة أو التزييف، إلى جانب الإعلانات الترويجية، ودور المشاهير والمؤثرين في زيادة الإقبال والإقناع، كما تقول صفاء فاضل، مختصة تسويق رقمي وإعلانات.  

أشارت فاضل إلى أن عيادات التجميل تعتمد على "بيع المشاعر"، حيث تشعر الفتاة بأنها ما زالت مستمرة في الشباب ويمكنها الحصول على جمال إضافي عبر عمليات الليزر والبوتوكس، توريد الشفايف، نفخ الخدود، وغيره.  

تضيف: "للأسف نحن في اليمن الطب متدهور، لا يوجد لدينا تخصصات تجميل وليزر في الجامعات. وعمليات التجميل هنا ليست كلها ناجحة، كما حدث لفتاة في صنعاء عام 2021".  

الحلول الممكنة

يقول المحامي والمستشار القانوني عبد الرحمن الزبيب: "لحل هذه المشكلة، يجب وضع قوانين صارمة تنظم مهنة الطب التجميلي وتفرض رقابة مشددة على ممارسات الأطباء والعيادات. يجب أن يتم تدريب الأطباء المتخصصين بشكل دقيق على أسس الطب التجميلي، بما في ذلك استخدام الأجهزة والتقنيات الحديثة بشكل صحيح وآمن".  

يضيف: "علاوة على ذلك، يجب أن يتم تحديد معايير واضحة للشهادات المهنية والممارسات الطبية في هذا المجال لضمان علاج آمن وفعال"، إلى جانب "توفير حماية قانونية للمرضى في حال حدوث أي خطأ طبي".