كتبت/ أبرار مصطفى
بعد 16 عامًا من الزواج، حُكم على عقد زواج فاطمة بأنه غير مشروع وغير صحيح، وتم تحويلها بناءً على ذلك إلى الإصلاحية المركزية بتعز مع ثلاثة من أطفالها الصغار، وهي حامل بجنينها السادس.
فاطمة (اسم مستعار) تعاني من مضاعفات غير محتملة في السجن مع حملها، من اضطرابات نفسية وجسدية تتفاقم يومًا بعد آخر مع وضعها داخل السجن، بالإضافة إلى التغذية السيئة التي تجعلها كامرأة حامل غير قادرة على الحفاظ على صحة جيدة خلال هذه الفترة.
تقول فاطمة، والدموع تملأ عينيها: "حملت بخمسة أطفال، وهذه أول مرة أشعر بالتعب والاكتئاب الشديد بهذه الطريقة. لا أستطيع تناول الطعام، ومع تكرار نفس الوجبة من رز وطبيخ كل يوم دون أي إضافات أخرى".
تعيش فاطمة هذا الحال كل يوم من بكاء مستمر دون توقف وقلق على أطفالها وتلبية احتياجاتهم داخل السجن، وطفليها الآخرين خارج السجن. هذا الأمر يجعل حالتها تزداد سوءًا، وحتى إذا مرضت فهي لا تستطيع الحصول على بعض المهدئات.
التدهور الصحي للحوامل
فاطمة واحدة من العديد من النساء الحوامل النزيلات في السجون، واللواتي يعانين من مشاكل ومضاعفات صحية ونفسية تتفاقم يومًا بعد يوم، وقد تسبب لهن ولأطفالهن مضاعفات كثيرة.
تقول أخصائية النساء والولادة، كفاح الراجحي: "المرأة في الشهور الأولى معرضة للتغيرات الهرمونية بشكل كبير، وقد يلعب هذا التغير دورًا في حالتها النفسية، مما يضاعف القلق ويزيد التوتر والاكتئاب والبكاء لدى النساء الحوامل. فهي تحتاج إلى رعاية خاصة خلال هذه المرحلة. وقد تكون بعض النساء الحوامل لديهن تاريخ مرضي، وهذا الأمر قد يعزز من تفاقم المشكلة بشكل أكبر".
وأضافت الراجحي: "المرأة في بداية الحمل يتفاعل ويرتفع لديها هرمون البروجستيرون بشكل كبير بسبب قلة الكرتزون في جسمها. هذا الأمر يضعف مناعتها خلال الحمل، مما يجعلها أكثر عرضة للأمراض والاضطرابات النفسية. كما يجعلها تميل إلى الانزواء وتشعر بالوحدة ورغبة دائمة بالبكاء".
وتؤكد الراجحي أن السجن قد يؤثر بشكل كبير على حالة النساء، حيث يسبب لهن القلق النفسي المتواصل، ويشعرهن بالوحدة والعزلة. فالمرأة السجينة غير مهيأة نفسيًا للحمل، لأن ذلك قد يدمر نفسيتها بشكل كبير. عدم اتصالها بالعالم الخارجي، وعدم وجود أحد يساعدها ويعتني بها خلال هذه المرحلة، يؤدي إلى تدمير كامل لحالتها النفسية.
غياب التأهيل النفسي
تؤكد الأخصائية النفسية، رقية الذبحاني، أن العزلة الاجتماعية التي تعيشها المرأة داخل السجن بعيدًا عن أسرتها والمقربين منها، إضافة إلى خوفها مما قد يلحق بها داخل السجن، يجعلها معرضة للاضطرابات النفسية والاكتئاب، خاصة مع التغيرات الهرمونية التي قد تحدث معها.
مشيرة إلى أن السجن يؤثر على نفسية المرأة وصحتها بشكل كبير، ويجعلها معرضة للكثير من الأمراض.
وترى الذبحاني أن العادات الاجتماعية فرضت الكثير من القيود، فالمرأة السجينة تبقى قلقة أيضًا من الوصمة الاجتماعية التي تلازمها حتى بعد خروجها من السجن. كما أن احتياجها للدعم الأسري والمجتمعي أثناء حملها وبعد ولادتها، الذي ينعدم بالنسبة للمرأة السجينة، إضافة إلى شتاتها وعدم قدرتها على استعادة صحتها بوقت مبكر، يمثل اضطرابات ما بعد الصدمة التي تبقى تعاني منها المرأة بعد مرحلة السجن.
السجينات الحوامل في القانون
المحامي والناشط الحقوقي، طهر الشدادي، يؤكد أنه لا توجد نصوص قانونية تنظم سجون النساء، إنما يتم الاعتماد على المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والقواعد القانونية للقانون الجنائي والإجراءات الجزائية. وأحيانًا يتم التعامل معهن بموجب التعليمات الإدارية التي تصدرها وزارة الداخلية بشأن السجينات.
ويضيف أنه في حال صدور حكم بالحبس على الحامل بجريمة غير جسيمة ولا تتجاوز مدتها السنة، يتم تطبيق نص المادة (500) من قانون الإجراءات الجزائية، التي تنص على "يجوز تأجيل تنفيذ الحكم الصادر على المرأة الحامل حتى تضع حملها، بشرط تقديم ضمانة تجارية، وأن يتم تنفيذ الحكم بعد وضعها بشهرين". وإذا رأى القاضي وجوب تنفيذ الحكم عليها، يجب توفير الرعاية والغذاء المناسبين لها.
وتابع: "في حال كانت الجريمة التي ارتكبتها المرأة جسيمة وصدر عليها حكم بالسجن لسنتين أو أكثر، يتم تنفيذ الحكم، لكن بشرط أن تخضع لطبيب مختص وفحوصات دورية حتى تضع حملها داخل السجن. وبحسب المادتين (27) و(28) من قانون تنظيم السجون، يجب توفير الرعاية الطبية اللازمة للسجينة الحامل قبل الوضع وبعده، وذلك بحسب تقرير الطبيب المختص".
وأشار الشدادي إلى المادة (400) من قانون الإجراءات الجزائية، التي تنص على "أنه عند وضع المرأة الحامل في السجن، يجب أن تتوفر لها العناية النفسية والصحية والغذاء اللازم، مع الاهتمام بالطفل والحفاظ على حقه. ولا يجوز ذكر اسم الطفل في السجلات الرسمية، مع عدم بقاء الطفل أكثر من سنتين داخل السجن".
تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز دور وسائل الإعلام في دعم قضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي، الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.