فاطمة العنسي
بعد أكثر من عام على تعرض الطفلة رسائل التي تنتمي إلى فئة المهمشين، للاغتصاب، مازالت أسرتها تتعرض للتهديد بالتهجير من منطقة الكلائبة المعافر بمحافظة تعز (جنوبي غرب البلاد)، حيث تعيش، بسبب رفضها التنازل عن القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام.
وتعرضت رسائل للاعتداء الجنسي من قبل 5 أشخاص في المنطقة، كما يقول رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين في اليمن نعمان الحذيفي، مضيفًا أن قضية اغتصاب رسائل، شاهدة على مخالفة القانون، وعلى عدم نزاهة دوائر الأمن والقضاء اليمني وعنصريته.
وأوضح الحذيفي الذي تولى سير القضية، أن النائب العام أمر بالإفراج عن 4 من المغتصبين، وإحالة المتهم الخامس للمحاكمة، ثم عقد جلسة محاكمة صورية، والتي أفرج فيها عن المتهم الخامس بالضمان، رغم ثبوت الجريمة عليه، مؤكدًا لـ”المشاهد” أن الجناة الذين يتمتعون بنفوذ قبلي، مارسوا أساليب الترهيب وإحداث شقاق داخل المهمشين وزرع الفتنة بينهم وتحريض بعضهم على بعض، وقد نجحوا فعلًا، وباتت قضية رسائل منسية.
وتواجه النساء المهمشات، مشاكل وتحديات، نظرًا لانتمائهن لأقلية عرقية تعاني من تمييز عنصري، كان سببًا لتعرضهن للعنف الجنسي، لاسيما في ظل غياب العقاب القانوني الرداع في المجتمع، وغياب الوعي لدى المهمشات بالدفاع عن أنفسهن وحقوقهن المسلوبة، حد قول مسك المقرمي، رئيسة جمعية كفاية المعنية بتنمية الفئات الأشد فقرًا في تعز.
التعرض للتحرش
ويشكل المهمشون نسبة 12% من إجمالي سكان اليمن، حسب آخر تعداد سكاني في اليمن، عام 2004، ويتوزعون في مختلف مناطق اليمن، وتحديدًا في المناطق الوسطى والجنوبية، الحارة القريبة من السواحل اليمنية.
وبحسب دراسة أجرتها منظمة اليونيسف، فإن المهمشسن يعيشون في ظروف سيئة في الأحياء العشوائية الفقيرة الواقعة في أطراف المدن، حيث يعانون من الإقصاء الاجتماعي، ولا يندرجون ضمن الهياكل القبلية والاجتماعية القائمة في المجتمع اليمني، كما أن كثيرًا منهم عاطلون عن العمل، وغالبًا ما يتم حصر العاملين منهم في الوظائف الدونية ذات الأجور المنخفضة.
واضطر المهمشون نتيجة لذلك للإقامة في الأراضي الزراعية المفتوحة والحدائق والأماكن العامة الأخرى، ويواجهون مشقة في الوصول إلى الخدمات الأساسية أو آليات الدعم الأخرى. وقد أدى ذلك إلى تفاقم أوجه الضعف والهشاشة الموجودة لديهم، وفق اليونيسف.
وتتعرض المرأة المهمشة للتحرش، نظرًا لتواجدها في الشارع طيلة اليوم ولساعات متأخرة من الليل، بسبب طبيعة عملها، إضافة إلى الإصابة بالأمراض والأوبئة مثل كورونا والحميات الفيروسية وغيرها، حيث تنعدم لديهن وسائل الحماية الشخصية والوعي الكافي في ما يتعلق بحماية أنفسهن وأسرهن من الإصابة ونقل الأمراض، حد قول المقرمي.
وبلغت نسبة الجهل بين السناء المهمشات 99%، فضلًا عن معاناتهن مع الزواج المبكر، وتحمل أعباء الأسرة، بحسب المقرمي، لافتة إلى أن المهمشات القانطات في الأرياف يعانين من مشقة تحمل أعباء الأسرة وزراعة الأرض والاهتمام بالمواشي لمن يعشن تحت ظل دخله من أسر القبائل وميسوري الحال.
ويؤكد الصحفي محمد الحربي،في حديثه لـ” المشاهد” المهتم بقضايا المهمشين في الضالع، إن الحرب فاقمت من معاناة النساء المهمشات، نتيجة ارتفاع حدة الفقر والجهل، مما جعلهن أكثر عرضة للانتهاكات.
دعوات لحماية المهمشات
وصف الحذيفي، معاملة المهمشين بهذه الطريقة المتعارفة، بأنها أمر معيب، داعيًا أفراد المجتمع إلى التعامل وفق القيم والتعاليم الدينية التي أمرت بتساوي الخلق، ولا فرق في الإسلام بين الأبيض والأسود.
وطالب المهمشين بتغيير بعض السلوكيات، والاتجاه إلى التعليم، للحصول على كامل المواطنة والمشاركة في كل جوانب الحياة المدنية والسياسية والاجتماعية، بالإضافة إلى الاشتراك في إدارة شؤون الدولة العامة.
وتقول المقرمي: “من ضمن التوصيات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في ما يخص المهمشات، تعزيز المساواة بين أفراد المجتمع من خلال تطبيق القوانين دون تمييز أو عنصرية تجاه أية فئة، وتأمين الدخل في ما يتعلق بالناجيات من العنف، وتوعية النساء بمخاطر الزواج المبكر، وإلغاء المحاوي ودمج المهمشين مع أفراد المجتمع كي يتم التأثير والتأثر”.
“المهمشات بحاجة إلى لفتة دولية وإقليمية لمعالجة قضاياهن، وتأهيلهن، لأنهن النواة الحقيقية لتغيير المجتمع، خصوصًا وأن هناك شبابًا من المهمشين مثقفين ومتعلمين ينتظرون من يأخذ بأيديهم”، يقول الصحفي محمد الحربي.
نُشرت بالتزامن مع المشاهد