كتبت/ هيفاء العديني

"ابني يتعذب، ابني يعاني، ابني مش مرتاح".. كلمات تحمل وجع أم لم تكتب لها رؤية ولدها خارج قضبان السجن. يقول خالد بأن هذه آخر ما قالته والدته قبل وفاتها، وهو لا يزال معتقلًا في سجون الحوثيين. متذكرًا كيف رحلت، ويلحق بها والده بعد فترة قصيرة، ليترك غيابهما أثرًا عميقًا في حياته.

يتذكر خالد – اسم مستعار- الأيام العصيبة التي مر بها خلال اعتقاله ومحاولات أسرته للمطالبة للإفراج عنه، ويقول: "تم اعتقالي بجرم لم ارتكبه وتلفيق اتهامات لا صحة لها، تدهورت حالتي الصحية في المعتقل، لم أكن أستطيع النوم أو الأكل، ولم نتلق أي رعاية طبية، عانيت الكثير في الاعتقال كما عانت أسرتي الكثير ". إلا أنه يتحدث عن لحظة فقدان والدته بوصفها الأصعب في حياته.

ولم تكن أسرة خالد وحدها في المطالبة للإفراج عنه، فقد ساندت رابطة أمهات المختطفين، خالد وأسرته في محنتهم. ساعدت الرابطة –كما يقول– في تقديم كشوفات بأسماء الأسرى، والمطالبة بالإفراج عنهم ضمن صفقات تبادل، ولم تتوقف مساعيها في التحري والمتابعة".

تأسست الرابطة في العام 2014 بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، واعتقالها للعديد من الأشخاص. توضح رئيسة الرابطة، الناشطة، أمة السلام الحاج، أن انطلاقتها جاءت من وقفات احتجاجية مع أهالي المختطفين من أسرتها وأسر صديقاتي، إضافة إلى محامين وإعلاميين.

عمل منهج

وتطور نشاط الرابطة إلى عمل مؤسسي، وتقول الحاج لـ هودج: بدأنا نهتم بالجانب الاجتماعي لأهالي المختطفين، وحرصنا على إيصال صوتهم إعلاميًا، ثم تطورنا نحو الرصد والتوثيق للانتهاكات التي تطال المختطفين".

المرأة والسلام

ومن خلال تعاونه مع الرابطة أكد القاضي سليمان غالب، على أن القيادة النسائية مثلت مسار إنساني وصوت الضمير اليقظ للدفاع عن قيم حقوق الإنسان في مرحلة حرجة مرت وما تزال تعيشها البلاد، وأضاف: "في اللحظة التي ما زال الكل واقع تحت فاجعة سقوط الجمهورية ومخاوف العنف وتكميم الحريات كانت الأمومة هي نافذة أمل لشبابنا الذين أخذوا عنوة وسلب أمانهم ووضعوا في غيابهم السجون."

يقول الناشط الحقوقي توفيق الحميدي: "أن الحرب اليمنية أجبرت المرأة اليمنية على الانخراط في أدوار سياسية واجتماعية تهدف إلى وقف هذه الحرب والتخفيف من معاناة الأسر اليمنية التي تضررت بسبب الحرب والخلاف السياسي والفكري."

 ويؤكد الحميدي على بروز المرأة في ميدان الدفاع عن حقوق الانسان خاصة قضايا المعتقلين والمختطفين منها رابطة أمهات المختطفين التي انخرطت في المناصرة والمفاوضات لإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين، واستطاعت أن توصل رسالتها من خلال المناشدات واللقاءات والتقارير التي اتسمت بالإنسانية والحياد، حد قول الحميدي.

فرص وتمكين

من ناحيته يشير مدير برنامج أول بمعهد DT فراس حمدوني، إلى أن النساء اليمنيات يلعبن دورًا بارزًا في بناء السلام وإنهاء النزاع، حيث يقدن مبادرات مجتمعية ويدافعن عن قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك الدعوة للإفراج عن المعتقلين وتخفيف معاناة الأمهات المتضررات. مؤكدًا على أهمية إشراك النساء كعناصر فاعلة للتغيير الإيجابي، يتطلب تعزيز دور المدافعات عن حقوق الإنسان وتمكينهن للمساهمة في عمليات العدالة الانتقالية، ما يضمن شمولية واستدامة جهود السلام."

ويضيف قائلًا: "هذا التوجه الداعم من قبل المانحين يفتح آفاقا جديدة لتمكين المرأة اليمنية من تحقيق تأثير حقيقي على أرض الواقع، حيث يساعد على إنشاء برامج تدعم مشاركتهن في هيكلة العدالة وتفعيل الحوار المجتمعي، مما يعزز من فرص بناء سلام عادل ومستدام."

مرجعيات ومواثيق

يأتي قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو أول قرار يعترف بدور المرأة في الصراعات المسلحة ويحث على ضرورة إشراك النساء في عمليات صنع القرار المتعلقة بالسلام والأمن، وإشراك النساء وحمايتهن يعزز من أدوارهن في المجتمع وتبني قضايا السلام بشتى أنواعه.

إن دور المرأة في تعزيز السلام يتجاوز حدود التقليد والنظرة المجتمعية القاصرة التي تسعى إلى التقليل من قيمة مساهمتها. في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والسياسية، تظل النساء قوة حاسمة في بناء المجتمعات المتصالحة، وهذا ما ذهبت إليه رئيسة الرابطة بقولها: "المرأة لها دور كبير وفعال ومحاولات جماعة أنصار الله (الحوثيين) بكسر هذه النظرة ويحجم هذه المرأة والبدء في اعتقالها وتعذيبها، إلا أن هذا يعطي الأمر قوة، خاصة بعد أن تم اعتقالي مسبقًا من قبل جماعة الحوثيين".