كتب/ زكريا حسان
مع انهيار الدولة ودخول اليمن في حرب أهلية في نهاية عام 2014، تعرضت المرأة اليمنية للعديد من المظالم، إذ وجدت نفسها خارج دائرة التأثير والقرار، وشاهدت الإنجازات التي حققتها على مدار عقود تتلاشى أمام عينيها. ورغم هذه الظروف القاسية، لم تنصعِ المرأة اليمنية لقمع الحرب، بل وقفت بشجاعة تُنادي للسلام وتدافع عن حقوقها في مواجهة التهميش والظلم.
ورغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها، من فقدان لأزواجهن وأبنائهن وضيق سبل الحياة، لم تقبل النساء اليمنيات العيش على الهامش أو الصمت في مواجهة القتال. بل برزت عشرات منهن كأصوات مدافعة عن حقوق المرأة وعن القضايا الوطنية، سواء داخل اليمن أو في المهجر.
مناهضة الحرب وبداية النشاط
الدكتورة أروى الخطابي، الناشطة الحقوقية البارزة، كانت من النساء اللاتي برزن خلال سنوات الحرب في اليمن.
قامت بتجنيد جهودها للدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة والأقليات، واستغلت كل فرصة لمحاربة التسلط وانتهاك الحقوق.
قبل اندلاع النزاع المسلح، لم تكن للخطابي أي أنشطة حقوقية أو سياسية، لكن دراستها المتعمقة للتاريخ جعلتها تراقب بقلق مسار الأحداث بعد ثورات الربيع العربي.
بحدس الباحثة، أدركت أن اليمن يتجه نحو نفق مظلم، وأن عاصفة قد تهب على البلد المثقل بالفقر، مما قد يزيدمن بؤسه ويعمق جروحه.
"جماعة الحوثي حرمت ملايين الطالبات من التعليم، وفقدت النساء وظائفهن كمدرسات وممرضات، وفرضت قيوداً على حرية السفر والتنقل، وحتى على دخول الأماكن العامة مثل المطاعم والحدائق، بالإضافة إلى ملاحقة ملابسهن في إطار ما يسمى بالحرب الناعمة".
سفيرة الوجع
بعد سقوط العاصمة صنعاء وتصاعد الانتهاكات الناتجة عن الحرب، لم تستطع الدكتورة أروى الخطابي البقاء على الحياد. فتطوعت للعمل من أجل وطنها، وسخرت إمكانياتها في ألمانيا والدول الأوروبية التي تنقلت فيها للتعريف بما يجري في اليمن من أحداث وانتهاكات.
للعمل على خلق رأي عام خارجي ونقل صورة واقعية عن الوضع في اليمن، ظهرت الخطابي كنموذج نسوي بارز مناهض للحرب و داعم للسلام العادل.
شاركت بفعالية في عشرات الفعاليات والندوات التي نظمتها هيئات ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، متسلحة بحبها العميق لوطنها وألمها لما آلت إليه الأوضاع، على أمل أن تساهم في استعادة السلام إلى قلوب تأثرت بالصراع.
ترى الخطابي أن السلام الحقيقي يتمثل في إقامة دولة عادلة تحترم حقوق الإنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه أو أصله. وتؤكد أن السلام يتطلب دولة ذات مواطنة متساوية وفرص متكافئة، حيث لا تفرض جماعة سلطتها بالقوة، ويكون الحكم مبنياً على الانتخابات واحترام حقوق الإنسان والحريات الفردية.
تعد الدكتورة أروى الخطابي من الأصوات البارزة في الساحة الدولية، خاصة في أوروبا، حيث تبرز كرمز للسلام.
الناشطة التي تعكس أوجاع الفئات التي عانت من آثار الحرب، ركزت جهودها على قضايا المرأة والأقليات الدينية في اليمن، مسلطة الضوء على الأضرار الكبيرة التي خلفتها الحرب.
وفي حديثها لمنصة هودج، قالت الخطابي: "شاركت في العديد من الندوات بين عامي 2018 و2023، حيث ناقشت وضع المرأة اليمنية والمعاناة التي تعرضت لها، وكيف أن الحرب قضت على الحقوق التي اكتسبتها على مدار خمسين عاماً من الجمهورية".
وأضافت: "جماعة الحوثي حرمت ملايين الطالبات من التعليم، وفقدت النساء وظائفهن كمدرسات وممرضات، وفرضت قيوداً على حرية السفر والتنقل، وحتى على دخول الأماكن العامة مثل المطاعم والحدائق، بالإضافة إلى ملاحقة ملابسهن في إطار ما يسمى بالحرب الناعمة".
جهود في نشر الوعي ومواجهة الألغام
سعت الدكتورة أروى الخطابي بجهد كبير لتعريف العالم بمخاطر الألغام التي أودت بحياة آلاف الأبرياء، ولجذب الانتباه إلى ضحاياها الذين يسقطون يومياً دون أن يتلقى معاناتهم اهتماماً كافياً. وقد حاولت تأسيس منظمة "بروكن شير" في ألمانيا لتوفير الدعم للضحايا ونشر الوعي حول المخاطر التي يتعرضون لها، ولكن نقص التمويل حال دون تحقيق هذا الهدف.
ترى الخطابي أن السلام الحقيقي يتمثل في إقامة دولة عادلة تحترم حقوق الإنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه أو أصله. وتؤكد أن السلام يتطلب دولة ذات مواطنة متساوية وفرص متكافئة، حيث لا تفرض جماعة سلطتها بالقوة، ويكون الحكم مبنياً على الانتخابات واحترام حقوق الإنسان والحريات الفردية.
توضح الخطابي أن هناك فرقاً كبيراً بين السلام العادل والاستسلام، وتنتقد نظرة المجتمع الدولي القاصرة لليمن، معتبرةً أن تصنيف اليمن كدولة غير مؤثرة في الاقتصاد العالمي أو القرارات الدولية ساهم في استمرار الحرب وإعاقة تحقيق السلام، مما جعل المجتمع الدولي لا يكترث بمعاناة اليمنيين.
وفيما يتعلق بمشاركة النساءفي عملية السلام، تؤكد الخطابي أن المرأة يجب أن تُمنح دوراً حقيقياً وفعلياً في صنع القرار بدلاً من الأدوار الثانوية التي غالباً ما تُعطى لها. كما تشير إلى أن الأطراف الحالية في اليمن أقصت المرأة من مراكز صنع القرار، بما في ذلك عدم تمثيلها في الحكومات المتعاقبة أو المجلس الرئاسي، مما يضعف مشاركتها الفعلية في تحقيق السلام