كتب/ حمدي رسام

"المساحة الأمنه كانت بمثابة الضوء الذي أرشدني في مسيرتي حيث قدم لي الدعم المادي والمعنوي والنفسي، ووفرت لنا كل الوسائل التعليمية ووسائل الراحة، واكسبتني مهارات وقدرات كنت بحاجه إليها". سمر إحدى المستفيدات من المساحات الآمنة التي تديرها منظمة كير في مدينة تعز.

هكذا عبرت سمر إحدى المستفيدات من المساحات الآمنة التي تديرها منظمة ديم بدينة تعز عن الفرصة التي كانت تبحث عنها لتجدها في المساحات الآمنة، تلخص قصة شجاعة وكفاح امرأة عانت من الظروف الصعبة، قبل أن تجد طريقها إلى المساحة الآمنة التي غيرت حياتها، بدأ بالتحاقها بدورة تدريبية بالخياطة وتمكينها لتبدأ مشروعها في مجال الخياطة.

وبفضل موهبتها ومهاراتها، والتدريب والدعم الذي حظيت بها في المساحة، لم تعد سمر مجرد مستفيدة من المساحات الآمنة، بل أصبحت قصة نجاح يقتدا بها، حيث أصبحت اليوم تملك مصدر دخل، وأصبحت مدربة في مجال الخياطة في المساحة الآمنة التي تعلمت فيها لتكون جزء من الفريق التعليمي في المساحة الذي يقدم الخبرة والتوجيه للمستفيدات من المساحة.

الوضع الإنساني في اليمن وتأثيره على النساء والفتيات

يشهد اليمن منذ عام 2015 حربًا خلفت تداعيات إنسانية مدمرة على جميع فئات المجتمع، لكن الفئات الأكثر تأثراً هم النساء والفتيات. ففي خضم هذا النزاع، تتعرض النساء والفتيات لمستويات متزايدة من العنف، بما في ذلك العنف المنزلي، والاغتصاب، والزواج المبكر، والتهجير القسري. كما تُعتبر النساء والفتيات من الفئات الأكثر عرضة للممارسات الضارة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

بحسب تقرير الاستجابة الإنسانية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن 2024، فإن النساء والفتيات يشكلن حوالي 80% من إجمالي عدد النازحين في اليمن، حيث بلغ عدد النازحين في البلاد 4.56 مليون شخص. في ذات السياق، يواجه أكثر من 6.36 مليون امرأة وفتاة في اليمن مخاطر متزايدة للعنف القائم على النوع الاجتماعي. تشمل هذه المخاطر الزواج المبكر، والاتجار بالبشر، والعنف المنزلي، فضلاً عن الانتهاكات الأخرى التي تؤثر بشكل كبير على حياتهن وحقوقهن الأساسية.

هذه الإحصائيات تؤكد الحاجة الماسة لتوفير بيئات آمنة للنساء والفتيات تمكنهن من تجاوز معاناتهن واستعادة حياتهن الكريمة. لذلك، تأتي المساحات الآمنة كجزء من الحل لمواجهة هذه التحديات العميقة التي تواجه النساء في اليمن.

ما هي المساحات الآمنة؟

ويعرف صندوق الأمم المتحدة للسكان، المساحة الآمنة بأنها حيز رسمي أو غير رسمي تشعر فيه المرأة أو الفتاة بالأمان الجسدي والنفسي. ويشير مصطلح "آمن"، في السياق الحالي، إلى غياب الصدمات النفسية، والضغط المفرط والعنف (أو الخوف من العنف)، أو سوء المعاملة. مساحة تشعر النساء والفتيات، باعتبارهن المستفيدات المستهدفات، بالراحة ويتمتعن بالتعبير عن أنفسهن دون خوف من التحيز ضدهن أو الأذى.

والهدف الأساسي للمساحة الآمنة يتمثل بتوفير حيز يمكن فيه للمرأة أو الفتاة، الآتي:

• الدمج في المجتمع وإعادة بناء الشبكات الاجتماعية.

• الحصول على الدعم الاجتماعي

• اكتساب المهارات ذات الصلة بالسياق.

• الوصول إلى الخدمات الآمنة والمختصة بالاستجابة لحالات العنف القائم على النوع الاجتماعي (النفسية والقانونية والطبية).

المساحات الآمنة في اليمن

بحسب كتلة الحماية يبلغ عدد المساحات الآمنة للنساء Women safe spaces، 43 مساحة موزعة على عدد من المحافظات اليمنية.

وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، تقدم المساحات الآمنة حزمة دعم متعددة القطاعات، تشمل المساعدة الطبية، رفع الوعي، الدعم النفسي الاجتماعي، الاستشارات، المأوى الطارئ، المساعدة القانونية، وخدمات الرعاية الصحية النفسية المتخصصة عند الحاجة. وفي تصريح خاص لـ هودج، تساهم هذه المساحات في دعم التمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء والفتيات، وخاصة في الأسر التي تعيلها نساء، من خلال المساعدات النقدية والتدريب وبناء المهارات الحياتية وتوفير فرص كسب العيش، للمساعدة في تقليل تعرضهن للمخاطر وتقليل اللجوء إلى آليات التكيف الضارة.

كيف يمكن الوصول لخدمات المساحات

بإمكان جميع النساء المعرضات للعنف، وخاصة العنف القائم على النوع الاجتماع الوصول إلى الخدمات التي تقدمها المساحات الآمنة، في هذا الفيديو تقدم جوري الحذيفي مشرفة مساحة آمنة في منظمة ديم الطرق التي من خلالها يتم استهداف النساء وكيف يتم تقديم الخدمات للمستفيدات ونوعية هذه الخدمات.

تمثل المساحات الآمنة في اليمن شريان حياة للكثير من النساء والفتيات اللواتي يعانين من العنف في ظل الحرب. وتوفر بيئة آمنة تساعدهن على التعافي من آثار العنف واستعادة حقوقهن، كما تعزز قدراتهن الاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، تبقى المساحات الآمنة مكونًا أساسيًا في العمل الإنساني الهادف إلى حماية النساء والفتيات وتمكينهن.