كتبت/ زهور ناصر
في السنوات العشر الماضية، كان لإشراك النساء في عمليات السلام في اليمن أهمية حيوية لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد. حيث ساهمت النساء بشكل كبير في طرح القضايا الضرورية للمجتمع اليمني ككل، لذلك كان لإشراك النساء في عمليات السلام في اليمن خلال السنوات العشر أهمية حاسمة لتعزيز الاستقرار في البلاد.
نصف المجتمع مغيب
برغم الأهمية الحيوية لمشاركة النساء في عمليات السلام في اليمن، لا زالت هناك العديد من التحديات والصعوبات التي تحد من إشراكهن بشكل فعال.
على الرغم من بعض التحسن في السنوات الأخيرة، إلا أن نسبة تمثيل المرأة في المناصب السياسية والقيادية في اليمن لا تزال منخفضة مقارنة بالرجال، ما يحد من قدرة النساء على التأثير في قرارات السلام. وفي ظل الأوضاع الأمنية المتردية في اليمن، تواجه النساء صعوبات جمة في المشاركة الفعلية في محادثات السلام.
ووفقاً للناشطة في مجال السلام، كوكب الذيباني، فإن من أهم التحديات التي تواجه مشاركة النساء في بناء السلام هي عدم القدرة على اختراق السياسة، كما أصبح هناك أجندات سياسية واضحة إقليمية ودولية، لهذا لم تستطع النساء الدخول فيها إلا عبر آليات دولية مثل الأمم المتحدة.
وأضافت الذيباني في حديثها لمنصة هودج أن غياب مؤسسات الدولة وضعف البنية التحتية القانونية وعدم إيجاد حماية للنساء العاملات في المجتمع المدني من أهم التحديات أمام مشاركة النساء، وغياب العدالة الانتقالية ومنظور حقوق الإنسان في المفاوضات السياسية.
صدر قرار مجلس الأمن 1325 في عام 2000 وهو أول قرار رسمي يعترف بتأثير النزاعات المسلحة على النساء والفتيات. يؤكد هذا القرار الحاجة إلى زيادة مشاركة المرأة في جميع جوانب عملية السلام والأمن.
ومن جانبه يشير الباحث السياسي، وسام محمد، إلى وجود صعوبات وتحديات كثيرة أمام مشاركة النساء، منها ما يعود إلى انهيار السياسة بفعل الحرب وانزواء الأحزاب السياسية التي كانت ترحب بدور المرأة.
وأوضح محمد أن جماعة أنصار الله "الحوثيين" في صدارة المشهد فهي سنت قوانين وأصدرت قرارات تمنع أيمشاركة للمرأة في الشأن العام بل وتحد من حقوقها المكفولة دستوريا.
وأضاف: "إن الشرعية التي يفترض أنها نقيض لجماعة أنصار الله، بسبب ضعفها وتشكلها من أطراف متناقضة، جعل من مشاركة المرأة مسألة هامشي".
القانون المغيب
المادة (31) من الدستور اليمني تنص على أن "المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم". كما أن المادة (41) تكفل للمواطنين "حق المشاركة في الحياة العامة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية". لكن المشكلة تكمن في غياب التشريعات التفصيلية والتطبيقية، مما يجعل مشاركة المرأة السياسية تعتمد على ممارسات جزئية وغير مضمونة. وأصبح هناك حاجة ماسة لسن قوانين وتشريعات تكفل بشكل واضح وملزم مساواة المرأة في الحقوق السياسية وتضع آليات لضمان تطبيقها على أرض الواقع.
تقول القاضية إشراق المقطري إن التحديات السياسية التي تواجه المرأة في مسيرة بناء السلام في اليمن ترتبط بالنظرة الاجتماعية المتجذرة والافتقار إلى إرادة سياسية حقيقية من جميع المكونات الحزبية والاجتماعية والمدنية، وغياب الدعم من النقابات والاتحادات والمجتمع المدني، والإعلام والوزارات يشكل إحدى أبرز التحديات التي تعيق مشاركة المرأة في بناء السلام.
وأوضحت المقطري في حديثها لمنصة هودج أن التحديات القانونية ليست وليدة الحرب الحالية، بل تمتد لأكثر من 35 عاماً نتيجة قصور النظرة المشرعة تجاه مشاركة المرأة، ورغم عدم وجود تمييز قانونيبين المرأة والرجل، إلا أن مشكلة التطبيق الفعلي للقوانين تشكل عائقاً كبيراً.
جهد الصمود
إن مشاركة المرأة في عمليات السلام لها أهمية كبيرة في تحقيق السلام المستدام، وإشراكها في هذه العمليات يزيد من فرص نجاحها وديمومتها لأنها تمتلك مهارات وقدرات فريدة تساهم في تحقيق السلام الشامل والعادل.
وترى رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة، صباح الشرعبي، أنه يمكن للمجتمع المدني المساهمة في تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية من خلال برامج التوعية بالقوانين الداعمة للمرأة في المجالات السياسية والتنسيق مع الأحزاب من أجل دعم النساء ذوات الكفاءة والخبرة وإشراكهن في الحياة السياسية.
وأضافت الشرعبي في حديثها لمنصة هودج أنه رغم الاعتراف الدولي بأهمية مشاركة المرأة في عمليات السلام، لاتزال هناك تحديات قانونية وعملية تعيق مشاركتهن بشكل فعال.
وبحسب الشرعبي، فإن التغلب على هذه التحديات، تحتاج الجهود إلى التركيز على تعزيز الإطار القانوني والسياسي، وتوفير الحماية والأمن للنساء، ومعالجة الحواجز الاجتماعية والثقافية