كتبت/ فاطمة العنسي

 

سعت النساء منذ نشوب الشرارة الأولى للصراع في اليمن، إلى المساهمة في إيجاد بدائل وحلول داعمة للسلام، كما عملت المرأة اليمنية على نقل معاناة المواطنين داخليا وخارجيا. ولم يكن بمقدورهن فعل ذلك لولا امتلاكهن بعض الأدوات الأساسية.

 

النساءوملفات السلام

من الصعب حصر عدد النساء الفاعلات في مجال السلام، فمعظم النساء فاعلات في هذا المجال، كما هو حال الناشطات الحقوقيات، الصحفيات، ممثلات المجتمع المدني، وفقا للأمين العام المساعد لحزب الأمل العربي ورئيسة مبادرة سام للسلام وحقوق الانسان، ليلى الثور.

وحول اسهاماتها في خفض التوتر والسلام أوضحت الثور أنه "في عام2015، كنت على رأس وفد التفاوض لإجراء أول مبادرة تبادل أسرى بين طرفي الصراع قوامها نحو  560 فردا للطرفين، تلتها مرحلة الإفراج عن المخفيين قسرا وكانت تلك أول مبادرة تحوي ضمانات وتوقيعات على ورق بخلاف بقية المبادرات التي كانت تتم بطريقة شفوية".

تعتبر الثور أن التعليم ضروري للمرأة كما هو الحال للرجل وهو حق لكليهما وأحد روافع السلام في المجتمع لكن على المرأة أن لا تتوقف عن التعليم أن كانت تود أن تكون فاعلة أكثر.

قصص من أرض الواقع

خلف القضبان ظل الثلاثيني مدين العشملي، أسيرا لدى أحد أطراف الصراع في سنوات الحرب الأولى مدة ثمانية أشهر لا يدري إن كان سوف يرى النور ثانيةً أم لا.

وقال العشملي في حديثه لمنصة هودج إنه قضى 8 أشهر مخفي قسري لا يعلم أين هو ولا أهله يعلمون عنه شيئا، بعدها علم من الحراس في المكان الذي أخفي فيه، بوجود امرأه تبحث عنه وتحاول إخراجه من المعتقل.

وأضاف:"كنت مستغربا آنذاك كيف ان امرأة استطاعت أن تدافع عنا نحن أسرى الحرب وتبحث عنا، وتجدنا وتساعد في إطلاق سراحنا، ثم أصبحت حين يعتقل أو يختطف أحدهم أبعث لأسرته أن يتواصلوا مع الحقوقية ليلى الثور".

تعتبر الثور أن التعليم ضروري للمرأة كما هو الحال للرجل وهو حق لكليهما وأحد روافع السلام في المجتمع لكن على المرأة أن لا تتوقف عن التعليم أن كانت تود أن تكون فاعلة أكثر.

وأشارت الثور إلى أنه "وفي الوقت الراهن يعد الرجل أحوج ما يكون للمرأة المتعلمة الأكثر ثقة بنفسها وبات من واضحًا كيف أن المرأة المتعلمة استطاعت أن توجد حلولًا لأسر من ماتوا خلال الصراع وكيف أمكن لها أن تناضل من أجل زوجها أو قريبها المختطف أو المعتقل".

إيمان النساء اليمنيات بضرورة إيصال أصواتهن للداخل والخارج هو ما شكل فارقا للمرأة اليمنية في الانتصار لقضاياها وكان لامتلاك اللغات الاجنبية أهمية أساس في إنجاز مهامهن

التعليم أصل الحكاية

عندما تذهب ليلى الثور لحضور مؤتمرات أو ندوات متعلقة بملف السلام في اليمن، كثيرا ماتجد أن المترجم لا يوصل الفكرة التي يريد المتكلم إيصالها، وقد تسقط أحيانا عنه جملة مهمة أو أنه يطرح القضية من وجهة نظره هو وتلك مشكلات مؤثرة عند طرح القضايا حسب قولها.  

وبحكم أن البلاد لا تزال في مراحل صعبة تؤكد الثور أنه يجب على النساء تعلم اللغات الأجنبية لتحسين التواصل من ناحية ولكي يستطعن نقل وجهات نظرهن إلى العالم من خلال رؤيتهن وأصواتهن.

المعرفة والثقافة تبدأ من بوابة التعليم والإطلاع الدائم على تجارب الآخرين في التنمية والتفاوض والإقناع والتأثير يمر من بوابة تعلم اللغات الأخرى إلى جانب اللغة الأم. بحسب ما أكدته القائم بأعمال رئيسة اتحاد نساء اليمن في عدن، فالنتينا مهدي.

وفي حديث لهودج قالت مهدي إنه "لا بد أن تكون المرأة قادرة على إجادة اللغة لاسيما الإنجليزية لكي تستطيع محاورة الأجانب وتوصيل أفكارها بكلمات مناسبة وصحيحة دون تحوير أو ترجمة خاطئة، وهذا يكسبها قوة وثقة عالية في طرح قضاياها".

 

تجارب فاعلة

من خلال عملها كناشطة اجتماعية سنحت الفرصة لـ بهية السقاف التفاعل في قضية فتح الطرقات، وخلال إفادة قدمتها الشهر الماضي، أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، قدمت شرحا كاملا لمعاناة الناس، جراء إغلاق الطرقات لسنوات من قبل طرفي الصراع.

إذ ساهم التعليم المعزز بالتأهيل والإجادة للغة الانجليزية في تمهيد الطريق لتكون هذه المرأة فاعلة على مستوى أممي.

تقول السقاف وهي أيضًا رئيسة مؤسسة PASS سلام لمجتمعات مستدامة: "عملي في مجال السلام مكنني من استعراض معاناة المواطنين أمام الجهات الخارجية وتقديم طلبات إليهم بالضغط على الجهات المعنية من أجل إحلال سلام مستدام في اليمن".

وأضافت:"إيمان النساء اليمنيات بضرورة إيصال أصواتهن للداخل والخارج هو ما شكل فارقا للمرأة اليمنية في الانتصار لقضاياها وكان لامتلاك اللغات الاجنبية أهمية أساس في إنجاز مهامهن".  

المحرك الأساس

تقول المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان، سماح سُبيع، إن تأثير المرأة الغائب هو سبب إلى ما وصلنا إليه من حروب وصراعات وتفرقة. مشيرة إلى أن تعلمت المرأة ينعكس بشكل إيجابي على الأفراد في الأسرة.

وأوضحت سُبيع: "يمكنها المرأة أن تزرع في نفوس أفراد أسرتها الأمل بغد أفضل وتنمي فيهم آليات السلام والتعايش المجتمعي. إضافة إلى أنه لا يوجد لدى النساء التحشيد النفسي أو الثأر السياسي، أو النزعة للحروب والصراعات بقدر ما هي بيئة للسلام والتعايش".

وأشارت إلى التهميش المتعمد لدور المرأة في التنمية والتطوير وعرقلة لتواجدها في مراكز صنع القرار تقول سبيع حيث تتم تغذية المجتمع عبر رجال الدين والإعلام ومكبرات الصوت دور المرأة النمطي وتكريسه بصور متعددة لتعزيز فكرة إبقاء المرأة في المنزل وهو ما تحرص السلطات الابقاء عليه.

وتنصح سُبيع الفتيات "بالمزيد من التعليم والتركيز على تعلم اللغات الأجنبية من أجل والتعلم من تجارب الآخرين في انتزاع الحقوق وتحقيق أدوار أكثر أهمية يتم استحقاقها من خلال الكفاءة".

 

الأعلى نسبة

لا يبدو أن الفتيات والنساء اليمنيات بتن يجهلن حقيقة أهمية التعليم والتأهيل والتزود باللغات الأجنبية لكن إدراك الأهمية وحده لا يكفي.

وبحسب مدير عام مركز نزاهة للتدريب والاستشارات بصنعاء، حاتم صالح مسرع،  فإن نسبة الطالبات يفوق نسبة الطلاب في المركز بنسبة 70-30%.

وقال مسرع في حديثه لمنصة هودج إن الفتيات أكثر حرصا على التحصيل من الدارسين لكن ثمة أمور تحكم مسألة الاستمرار.

ولفت إلى أن "هناك طالبات يعملن ولديهن، مصدر دخل مستقل، لكنهن برغم ذلك يتوقفن عن مواصلة تعليم اللغة نتيجة التزامهن بمتطلبات الأسرة والايفاء بالالتزامات المنزلية نتيجة غياب رب الأسرة أو انقطاع الرواتب، وإجمالا فإن الوضع الاقتصادي العام هو السبب الرئيسي لعزوف كثير من الفتيات عن مواصلة تعلم اللغات الأجنبية".