كتبت/ حنين مروان

في قلب مدينة تعز، حيث تتقاطع آلام الحرب مع آمال السلام، تبرز أصوات النساء كقوة محورية في جهود بناء السلام. تعيش المدينة تحديات هائلة نتيجة النزاع المستمر، مما يجعل من الضروري إشراك جميع فئات المجتمع، وخاصة النساء، في عملية السلام. هنا، تتجلى المساءلة المجتمعية كأداة فعالة تمكّن النساء وتعزز دورهن في صنع القرار، مما يساهم في تشكيل مستقبل أكثر سلمًا للجميع.

أداة للتغيير

تعد المساءلة المجتمعية عملية حيوية تتيح للمجتمعات مساءلة قادتها ومؤسساتهم من أجل تحقيق العدالة والمساواة. في تعز، تلعب النساء دورًا محوريًا في هذه العملية، حيث يعبّرن عن مخاوفهن ويطالبن بحقوقهن، ويشاركن في صنع القرار، ويراقبن تنفيذ اتفاقيات السلام.

منصة التعبير

تتواجد منظمات المجتمع المدني في طليعة الجهود الرامية إلى دعم هذه المساءلة. من خلال برامج التدريب وورش العمل، تساهم هذه المنظمات في رفع الوعي لدى النساء حول حقوقهن وأهمية مشاركتهن في عمليات الوساطة. مثلاً، أسست مجموعة من النساء في تعز منصة خاصة لتمكينهن من التعبير عن آرائهن والانخراط في حوارات السلام. بالإضافة إلى ذلك، تعمل العديد من المنظمات على تدريب النساء على مهارات الوساطة والتفاوض، مما يمكّنهن من المشاركة الفعالة في حل النزاعات المحلية.

أصوات ملهمة من الميدان

تقول رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة بتعز، صباح الشرعبي: إن المساءلة المجتمعية تلعب دورًا أساسيًا في إشراك النساء نحو السلام. مضيفة: "نحن بحاجة إلى تقدير الشراكات وتحديد أولويات احتياجات النساء في عملية السلام".

تسجل النساء في تعز نجاحات ملهمة، حيث انخرطن في لجان السلام والمبادرات المجتمعية، وقد استطعن وضع قضاياهن في صميم جهود الوساطة. المحامية اعتصام المقطري، إحدى عضوات لجنة الإسناد الاستشارية، توضح: "نحن نعمل على نشر الوعي والمشاركة في النقاشات عند اتخاذ القرارات".

وفي حديث لمنصة هودج، تقول رئيسة جمعية الطموح لرعاية وتأهيل الصم، إيمان القدسي: "عملي كناشطة في حقوق ذوي الإعاقة، خصوصًا النساء، يشمل معظم نواحي الاحتياج لذوات الإعاقة. وهذا يستدعي تدخل الجهات المعنية، مثل السلطة المحلية أو على نطاق المجتمع والأسرة. وعملي في جمعية الطموح لرعاية وتأهيل الصم أتاح لي فرصًا عديدة للتدخل في مشاريع تنموية تخص عملية إشراك النساء في السلام وتمثيل هذه الفئة في الاجتماعات والورش وغيرها".

نتائج مستدامة

تؤكد رئيسة مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل،  الدكتورة أنجيلا المعمري، في حديثها لـ"هودج"، أن مشاركة النساء في عمليات السلام ليست مجرد واجب اجتماعي، بل ضرورة استراتيجية تؤدي إلى نتائج أكثر استدامة وتسهم في تحقيق سلام عادل ودائم. وتضيف: "إن جهود النساء في تعز تثبت أن المساءلة المجتمعية ليست مجرد مفهوم نظري، بل هي جسر حقيقي نحو السلام. من خلال صوتهن ومشاركتهن الفعّالة، يقتربن من تحقيق التغيير الإيجابي المنشود، مما يفتح آفاقًا جديدة لمستقبل مشرق للمدينة وللبلد بأسره".