كتبت/ ملاك رشاد

في خطوة متميزة تعكس قدرة المرأة على التأثير الإيجابي في مجتمعاتها، نجحت "أم نماء" في حل نزاع قبلي دام ثلاث سنوات حول أرض بين أبناء عمومة، أدى إلى اشتباكات وإصابات. تشير أم نماء إلى أن الخلاف كان قد فرّق بين أفراد الأسرة الواحدة، حيث كان يفصل بينهم طريق ضيق، ولم يعد أحدهم يكلم الآخر أو يسلم عليه.

تعمل أم نماء في الصندوق الاجتماعي للتنمية بمحافظة مأرب، وكانت في زيارة ميدانية إلى مديرية ماهلية، تهدف إلى تشكيل مجلس تعاوني لتنفيذ مشاريع تنموية في إحدى القرى. ومع ذلك، مثل النزاع القائم عقبة رئيسة أمام تشكيل المجلس، حيث رفض الأطراف المتنازعة الاجتماع معًا.

"وقالت أم نماء لهودج: "كان بإمكاننا الذهاب إلى مديرية أخرى لتنفيذ المشروع، لكنني أصريت على عدم حرمان هذه القرية من التنمية بسبب الخلاف". وبعد محاولات عديدة، تمكنت من إقناع الطرفين بعقد اجتماع في المدرسة الوحيدة في القرية.

وخلال خمسة أيام من اللقاءات المشتركة، بدأت القلوب تتآلف وتبادل التحيات بين الأطراف المتنازعة، وتم تشكيل المجلس، الذي ضم أعضاء من الطرفين. واعتبرت أم نماء أن هذه الخطوة كانت الأولى نحو تحقيق الصلح.

وأوضحت: "قمنا بعمل مبادرات ذاتية لحل قضيتهم بشكل مباشر، بعيدًا عن إطار المشروع. تواصلت مع كبار الطرفين، ممن يحظون بالاحترام في مجتمعهم، وتمكنت بعد جهود مضنية من تحقيق الصلح".

وأضافت أم نماء: "أعتقد أن كوني امرأة قد ساهم في تسهيل عملية الحل، فالمجتمع يكن احترامًا كبيرًا للمرأة".

مزايا قبلية

تمنح الأعراف القبلية في اليمن النساء مزايا خاصة تمكنهن من استخدام هذه الحقوق لوقف العنف ومنع الاقتتال. فوفقًا للدراسات، يُحظر استهداف رجل ترافقه امرأة، حتى في حال ارتكابه جريمة قتل، مما يعكس مكانة النساء كوسيطات في النزاعات. كما يمكن للرجل المطلوب للعدالة أن يستجير بامرأة لحمايته حتى يتم حل القضية سلميًا، وفقًا دراسة صادرة عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.

 

وأوضحت الدراسة أدوارًا رئيسية في حل النزاعات داخل الأسرة والقرية والقبيلة، حيث يمكنهن وقف النزاع بمجرد حضورهن أوفرض حمايتهن حتى يتم التوصل إلى حل. وفي ظل الظروف الصعبة الناتجة عن النزاعات والحروب، أصبحت أدوار المرأة تتجاوز التقاليد، لتشمل فض النزاعات على المستويات الأسرية والمحلية، والتفاوض على الإفراج عن السجناء وتبادل الأسرى.

علاوة على ذلك، تتدخل النساء لتأمين المناطق وحماية المصالح العامة، والمساهمة في إعادة فتح الطرق والمطارات، مما يبرز أهمية وجودهن في مجتمعاتهن وقدرتهن على التأثير الإيجابي في عملية السلام.

النزيلة

إنذار مبكر

أوضحت أروى الرمال، المديرة التنفيذية لمؤسسة فتيات مأرب، في تصريح لـ "هودج"، أن مركز الإنذار المبكر (EWC) التابع للمؤسسة يهدف إلى تحقيق استجابة فعالة للنزاعات والتنبؤ بها، وإدارة السلام بطريقة تتماشى مع الثقافات المحلية.

 

وأشارت إلى أن المركز يسعى إلى إيجاد وسائل تعزز من الفهم العميق لحل النزاعات وتحقيق السلام المستدام. ويجمع بين الأطر التقليدية ووسائل الحوار والتفاوض والوساطة، مما يسهم في بناء منظومة متكاملة لتعزيز السلام في المجتمع. وتعتبر أروى الرمال أن المركز يمثل أول منشأة متخصصة في اليمن في مجال صناعة السلام، مما يبرز أهمية دوره في تحقيق الاستقرار الاجتماعي.

كلستر السلام

صرحت طيبة مجيديع، مسؤولة المتابعة والتقييم بكلستر السلام، في تصريح لـ "هودج"، أن هناك نساء ساهمن بفاعلية في منع النزاع في بعض المناطق القبلية، وشاركن في الوساطات المجتمعية لحل قضايا الثأر التي استمرت لسنوات. وأشارت إلى أن هذه الإنجازات تحققت بفضل العادات القبلية التي تمنح المرأة احترامًا وتقديرًا، مما يبرز تأثيرهن في أوقات الحرب والنزاع.

 

كما أكدت مجيديع على حاجة الكيانات النسوية في محافظة مأرب إلى الدعم لتعزيز أعمالهن وتبادل الخبرات مع النساء في المحافظات الأخرى، اللواتي يمتلكن تجارب في الوساطات المحلية. وأشارت إلى أن الكلستر يسعى لتعزيز دور المرأة ومشاركتها الفعّالة في بناء السلام من خلال برامج بناء القدرات في مجالات الوساطة والتفاوض، بالإضافة إلى توفير مساحات مخصصة للنساء، خصوصًا في أنشطة الوساطة المحلية

وأوضحت أن الكلستر يعمل على تنسيق الجهود بين الوسيطات أنفسهن، ومع المنظمات والجهات الحكومية، من أجل ربطهن بمكتب المبعوث الأممي والجهات ذات الصلة، وذلك بهدف تعزيز دور المرأة في عملية السلام.

تحديات وصعوبات